السبت، 19 سبتمبر 2015

الاخيرة مميتة

ان تكون شخصا قويا يفكر بمنطق العقل ,و  فجأة  مل من العقلانية الزائدة فقرر ان يستخدم قلبه تارة , و عقله تارة , فكان في منتهى التوازن  , حتى  نزل عليه صوت مجهول  أخبره ان يستخدم قلبه كثيرا , و ان يحن و يلين و لو قليلا . لكن ذلك العقل لم يصدق ذلك الصوت في البداية , ولكن ذلك الصوت بقي ملازما له  صباحا و مساءا لدرجة ان العقل تعايش معه و استأنس به رفيقا و أصبح ضرورة يومية ’ ثم بدأ ذلك العقل التافه  ينصاع لاوامر ذلك الصوت شيئا فشيئا . لدرجة ان العقل نسي نفسه و تقريبا وضع نفسه تحت المقصلة  لان مطلب الصوت هو ذلك الكنز المخبئ في صدر ذات الشخص  و ان سلم العقل ذلك الكنز أكيد ستكون نهايته و المشكل ليس في تسليم القلب لان الصوت منذ بدايته أعرب عن وفائه و اهتمامه و أكد انه سيحافظ على الكنز أبد الابدين حتى ان رحل العقل يوما و هكذا مع المدة ذلك الشخص  ذو العقل السخيف الذي يظن نفسه ذكيا فقد عقله و منح قلبه  مقابل سعادة مؤقتة لم تدم طويلا , واذا بذلك الصوت يختفي شيئا فشيئا , يظهر مرة, ويختفي مرات .يقول القلب في احشاءه ' لاتخف يا صاح .ليست هذه اول مرة أتزلزل فيها , لقد اعتدت على الخدش مرارا و تكرارا و بعدها أسعد و ككل مرة سأصبر لن أعتبرها مضيعة للوقت , نعم سأصمد طالما اني سأحصل على مرادي في النهاية ''
لكن السيد قلب لم يكون على حق هذه المرة , فألأخيرة مميتة  . ما الخطب اذن ؟   و أكيد  الان ذلك الكنز المسكين أصبح وحيدا, من سيرعاه  ثم من يا ترى  سيحميه ؟. فجاءت أصوات اخرى لتمد يد العون ,و لا طالما ظهرت أصوات اخرى في أوقات الشدة و كذا الفرح لكنها ليست البديل طبعا فذلك الفؤاد مرض بمرض الاعتياد  بل الادمان على صوت واحد فقط وكل أيادي العون الاخرى غير نافعة . و هنا تنقطع الانفاس , تتشرد الروح و يندثر القلب الهاوي الى هاوية مجهولة ,  فحينما عاد الصوت مجددا , بدأ يتمتم و يسرد علينا قصته ,و خلاصة روايته انه  لن يستطيع الكلام مجددا فقد مل من الكلام مع القلب الضائع , و ان بقي معه سيبقى كأنيس فقط  لفترة و لن يلازمه طول حياته  كما قال في السابق . و بما ان القلب لطيف , أحن من الحنان , وارق من الرقة سامح الصوت و لم يأنبه أبدا مع انه شرب مر الاسى و قال ربما سيستطيع اعادته الى عهده السابق , لوهلة ظن الحنون انه نجح لان الصوت بدأ يلين و يسترجع ذكريات الماضي القريب  و اذا به يختفي مجددا . أكيد لن أروي لكن قصة البليد , بقي يختنق في الصدر و يشتعل نارا و ما من حريق غير ان الصوت لما انسحب اكد بل وعد بأنه لن يتوجه لاي قلب  و طبعا صدقه صاحبنا القلب العاشق و بقي يتأمل لعل النعجة تطير يوما  , و هنا  نفس السيناريو تكرر  و القصة تعاد من الاول و تنتهي بنفس النهايات التي سبقتها ,و في أخر مرة بدأ يشك القاف ابن القاف أي القلب  في الصاد بن كل الحروف القاتلة ,  في كونه وجد قلبا جديدا يغني له الاغاني و يلزمه طيلة يومه و ينسجان معا قصصا و احلام وردية , و فعلا كان الامر كذلك , و هنا  تدخلت و قلت " اي وعوود كان يتحدث عنها  الصوت الحكيم ؟, ففي  الأصل لم يستطع الحفاظ  ولو على وعد واحد . ''
مرت الايام و الصوت لم يختفي لكنه في كل مرة كان ينكر أمر تعلقه بقلب جديد , و القلب القديم كان يشك و ظل يشك لكن الصوت لم يستطع قول الحقيقة له ولكنه كان يلمح حتى حلت تلك الليلة المشؤومة حينما قرر الاعتراف  . صوتنا اصبح ضحية  هو كذلك, هذه المرة سقط في أيدي ذلك  القلب الاخر الجديد, نعم جرحه كما جرح صديقنا القلب البالي . لكن انا ككاتبة ارى القصة من الخارج لا أظن ان الصوت الغامض جُرح أكثر من صديقنا و لن يصل الى تلك المرحلة أبدا لانه يجب ان تكون في قمة السخافة و السفاهة و الانحطاط و عدم اعطاء النفس قيمة  لكي ينتهي امرك كذلك . و حينما أحس الصوت بالطعنة في احد موجاته و أوتاره الحساسة رجع للتعامل مع القلب القديم , و اخبره بأنه يريد ان يرجعا و يتفقا من جديد .
و للتذكير ذلك الشخص ذو القلب الرقيق لا يتوفر على عقل  لدرجة انه لم يعاتب الصوت على خذلانه و عدم وفائه بوعوده السابقة و وافق بدون" تفكير ",اعتذر  ماكان علي استخدام هذا المصدر  فهو لا يفكر اصلا فقط يحس و ينصاع لأحاسيسيه التافهة , و اليكم الصدمة فبعد مدة وجيزة بدا و  كأن الصوت تراجع عن قراره الاخير و الحقيقة انه قال انه يريد استرجاع ما فات  فقط لانه كان منزعج من القلب الاول و كأنه أراد ان يشفي غليله و ينتقم لنفسه و بعد ان هدأ اكتشف انه لم يكن جادا
 و طلب من القلب السماح ككل مرة , ككل سيناريو دراما هندية.  فجأة صحى العقل الذي اختفى  في بداية القصة  و عاد ليقف في نفس الصف مع القلب  لا نعلم كيف عاد و اين كان و لماذا ذهب  لكن عاد بمعجزة لانه عرف ان القلب لم يعد قادرا على المضي ولا خطوة الى الامام   و  اليكم الجديد عاد الصوت و الان  يخبرنا بأنه فعلا يريد التصالح مع القلب و انه لم يكن يعني ما يقوله  . دقيقة ارجوكم . هل يظن انه يتعامل مع صخرة او لعبة بلاستيكية  و حتى اللعبة لن تعامله هكذا , هل يأتي و يختفي متى يشاء , الم يرى انه يتعامل مع جسد و قلب محطم فقط .و كأنها معركة بين فتاة هزيلة و رجل ضخم و قوي و  اما القلب الان فهو يطلب فقط ان تجمع أشلائه و العقل هو الان في صراع ليحاول اصلاح كل الضرر , و لن يصلحه غيره و من ذلك اليوم لم نعد نسمع أي خبر عن ذلك الثلاثي اللعين .

ليس عيب يا صديقي  ان تكون افعالك أفعالا قلبية لا عقلية . و ليس عيبا ان تواجه الحياة بمنطق القلب الذي ينجرح ,  يتذرع . يتنازل . يتغابى , يتبلد , يتصادم , يُصدم لكن حينما يشفق ,.يلين , يعطف. يتأمل , يتبسم , ثم يتقطع اربا اربا من جديد  و يتكرر نفس السيناريو مرارا . هنا يصبح قلبيك  وصمة عار على  صدرك  . و يصبح الامر كعملية الاجترار بالنسبة للحيوانات , في هذه الحالة  انزع ذلك القلب و ارمه للكلاب الضالة  فستستخدمه خير استخدام أفضل منك بالاف الدرجات , و قبل ان ترميه تأكد من انه تفتت بالكامل و ان بقي شيئ منه اكسره حطمه و اسكب عليه المحاليل الحمضية  فهو مريض و مصاب بجرثومة خطيرة وجب التخلص منه , و اما عن مكانه في صدرك اغلقه بمفتاح و ابلع ذلك المفتاح لكي لا يعثر عليه اي شخص من جديد , و سيختبئ بمكان سري بأمعاءك لن يستطيع احد العثور عليه , وذلك المفتاح لن يهضم ابدا , و ان استطاع احدا العثور علي مكانه يوما , سيفتح صدرك  لكن هذه المرة مكان قلبك سيضع قلبه هو و حتى ان قرر الانسحاب  ذات يوم فهو الخاسر  فعهد البلادة انتهى و لن تخسر شيئا أبدا , فلم يعد لك شيئ لتخسره .

0 التعليقات:

إرسال تعليق